زكاة الفطر

مقدمة
تُعد زكاة الفطر صدقة واجبة على كل مسلم ومسلمة، صغيرًا كان أو كبيرًا، حرًا أو عبدًا، عند نهاية شهر رمضان المبارك وقبل صلاة عيد الفطر. سُميت بزكاة الفطر لأنها تُدفع بفطر الصائمين من صومهم، وقيل لأنها تُخرج عند الفطر من شهر رمضان. تُمثل زكاة الفطر شعيرة عظيمة ذات أبعاد تعبدية واجتماعية وإنسانية نبيلة. فهي تطهر الصائم مما قد يكون وقع فيه من اللغو والرفث خلال شهر الصيام، وتعين الفقراء والمساكين على الفرح والاحتفال بعيد الفطر مع بقية المسلمين، وتجسد معاني التكافل والتراحم في المجتمع الإسلامي. لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها وأمر بها، مما يدل على أهميتها وفضلها. إن فهم مفهوم زكاة الفطر وأهميتها، وشروط وجوبها ومقدارها ووقت إخراجها، ومستحقيها، وآثارها الإيجابية على الفرد والمجتمع، يمثل ضرورة لكل مسلم يسعى لامتثال أوامر الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في التكافل والتعاضد.
مفهوم زكاة الفطر وأهميتها وفضلها في الإسلام
زكاة الفطر هي صدقة واجبة تُفرض على كل مسلم عند نهاية شهر رمضان وقبل صلاة عيد الفطر. سُميت بزكاة الفطر لسببين رئيسيين: الأول أنها تُدفع بفطر الصائمين من صومهم، والثاني أنها تُخرج عند الفطر من شهر رمضان.
تتجلى أهمية زكاة الفطر وفضلها في الإسلام من خلال:
- وجوبها: ثبتت وجوبها بالسنة النبوية الشريفة وإجماع المسلمين. فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين”.
- تطهير الصائم: تهدف إلى تطهير الصائم مما قد يكون وقع فيه من اللغو والرفث وسائر ما يُنقص أجر الصوم. قال وكيع بن الجراح رحمه الله: “زكاة الفطر لسجدة السهو للصلاة، تجبر نقص الصوم كما يجبر السجود نقص الصلاة”.
- إغناء الفقراء والمساكين: تُعين المحتاجين على قضاء حوائجهم في يوم العيد وتمكينهم من الفرح والاحتفال مع بقية المسلمين وعدم الحاجة إلى السؤال في هذا اليوم.
- التكافل الاجتماعي: تُعزز روح التكافل والتعاون والتراحم بين أفراد المجتمع المسلم.
- إظهار الفرح والسرور بالعيد: تُساهم في إظهار شعائر الإسلام وإشاعة الفرح والسرور بتمام عبادة شهر رمضان.
شروط وجوب زكاة الفطر ومقدارها وأنواع الطعام التي تُخرج منها
تجب زكاة الفطر بتوفر شروط محددة:
- الإسلام: تجب على كل مسلم.
- الغنى اليسير: أن يكون لدى المسلم فضل من قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته. وهذا يعني أن يكون لديه ما يزيد عن حاجته الأساسية في هذا الوقت.
- إدراك جزء من رمضان وشوال: يجب أن يكون المسلم حيًا عند غروب شمس آخر يوم من رمضان وعند طلوع فجر يوم العيد.
أما عن مقدار زكاة الفطر وأنواع الطعام التي تُخرج منها:
- المقدار: المقدار الواجب إخراجه هو صاع واحد عن كل فرد من المسلمين. والصاع مكيال يقدر بحوالي كيلوين ونصف الكيلو جرام إلى ثلاثة كيلو جرامات تقريبًا من غالب قوت البلد.
- أنواع الطعام: الأصل في إخراج زكاة الفطر أن يكون من غالب قوت البلد من الحبوب والثمار التي يقتات بها الناس. وقد ورد في السنة النبوية ذكر التمر والشعير والأقط والزبيب. وفي عصرنا الحالي، يمكن إخراجها من القمح والأرز والذرة وغيرها من الأقوات الرئيسية التي يعتمد عليها الناس في معيشتهم في كل بلد.
وقت إخراج زكاة الفطر وآدابه
لإخراج زكاة الفطر وقت محدد وآداب يُستحب مراعاتها:
- الوقت: يبدأ وقت إخراج زكاة الفطر من غروب شمس آخر يوم من رمضان ويستمر حتى قبل صلاة عيد الفطر. ويُستحب إخراجها صباح يوم العيد قبل الصلاة. ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين عند جمهور العلماء تيسيرًا على الفقراء. ويكره تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد، ومن أخرها بغير عذر فهي صدقة من الصدقات لا تجزئ عن زكاة الفطر.
- الآداب:
- الإخلاص: يجب إخراجها ابتغاء وجه الله تعالى.
- النية: ينوي المزكي أنها زكاة الفطر عند إخراجها.
- التيسير على الفقراء: اختيار الوقت المناسب لإخراجها بحيث يتمكن الفقراء من الانتفاع بها قبل العيد.
- البحث عن المستحقين: تحري الفقراء والمساكين المستحقين وإعطاؤهم بأنفسهم أو توكيل من يثق به.
- عدم المن والأذى: عدم تتبع الفقير بالمن أو الأذى بعد إعطائه الزكاة.
مستحقو زكاة الفطر الشرعيون
ذهب جمهور العلماء إلى أن مصارف زكاة الفطر هم الفقراء والمساكين من المسلمين. وذهب بعضهم إلى أنها تُصرف في مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في قوله تعالى في سورة التوبة. والأرجح هو تخصيصها للفقراء والمساكين لإغنائهم في يوم العيد وتحقيق المقصد الأسمى من تشريعها.
يُفضل إعطاء زكاة الفطر لفقراء المسلمين في البلد الذي يقيم فيه المزكي، إلا إذا كان هناك حاجة أشد أو مصلحة أرجح في نقلها إلى فقراء آخرين.
الآثار الإيجابية لزكاة الفطر على الفرد والمجتمع
على الفرد:
- تطهير النفس من الشح: تعويد المسلم على البذل والعطاء.
- نيل الأجر والثواب: امتثال أمر الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
- جبر نقص الصوم: تكفير ما قد وقع فيه من اللغو والرفث.
- الشعور بالراحة والرضا: عند أداء هذه الفريضة.
على المجتمع:
- تحقيق التكافل الاجتماعي: تقوية الروابط بين الأغنياء والفقراء.
- إدخال السرور على الفقراء والمساكين: تمكينهم من الاحتفال بالعيد.
- تقليل الفوارق الاجتماعية: سد حاجة المحتاجين.
- إظهار قوة ووحدة المسلمين: في التراحم والتكافل.
- المساهمة في أمن المجتمع واستقراره: بتقليل دوافع الجريمة الناتجة عن الحاجة.
الخاتمة
تُعد زكاة الفطر شعيرة عظيمة وفريضة جليلة ذات أبعاد تعبدية واجتماعية وإنسانية نبيلة. إنها تطهر الصائم، وتُغني الفقير، وتُعزز التكافل في المجتمع المسلم، وتُظهر الفرح والسرور بقدوم عيد الفطر المبارك. إن الالتزام بأدائها في وقتها المحدد، وإخراجها من غالب قوت البلد، وتوجيهها لمستحقيها من الفقراء والمساكين، يُعد مظهرًا من مظاهر الإيمان والامتثال لأمر الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فلنحرص جميعًا على أداء هذه الفريضة المباركة بروح من الإخلاص والتكافل، سائلين المولى عز وجل أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وزكاتنا وسائر أعمالنا الصالحة، وأن يجعل عيدنا فرحة وسرورًا على جميع المسلمين. إن زكاة الفطر هي بسمة العيد التي تُشرق في وجوه المحتاجين وتُضيء قلوب المؤمنين.