فضل سورتي البقرة وآل عمران

مقدمة

يُعد القرآن الكريم كلام الله المعجز، وهو النور والهداية والشفاء والرحمة للمؤمنين. وقد فضل الله بعض سوره وآياته على بعض لحكم بالغة وأسرار عظيمة. ومن بين هذه السور العظيمة سورتي البقرة وآل عمران، اللتين ورد في فضلهما نصوص كثيرة من السنة النبوية المطهرة، حتى لقبتا بـ “الزهراوين” لما فيهما من النور والضياء والهداية. إن فهم فضل هاتين السورتين العظيمتين وما فيهما من الخير والبركة والأجر والثواب، والحرص على تلاوتهما وتدبر معانيهما والعمل بما فيهما، يُعد من علامات الإيمان الصادق والرغبة في نيل رضا الله تعالى والفوز بجنته.

لقد وردت أحاديث صحيحة تبين فضل سورتي البقرة وآل عمران معًا، وفضل كل واحدة منهما على حدة. كما بينت هذه النصوص آثارهما العظيمة في حياة المسلم وحمايته من الشرور والآفات. إن استشعار هذا الفضل العظيم يدفع المسلم إلى العناية بهاتين السورتين وتخصيص وقت لتلاوتهما وتدبر آياتهما، لعله أن ينال بذلك الخير والبركة في الدنيا والآخرة.

 

الفضل المشترك لسورتي البقرة وآل عمران

وردت أحاديث صحيحة تبين الفضل المشترك لسورتي البقرة وآل عمران:

  • إتيانهما يوم القيامة كالغيايتين أو الظلتين: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اقرءوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما” 1 (رواه مسلم). وهذا يدل على عظيم أجرهما وشفاعتهما لقارئهما يوم القيامة.  
  • كونهما نورًا وضياءً: لقبتا بالزهراوين لإشراقهما ونورهما وهدايتهما لقارئهما.
  • بركتهما العظيمة: قراءتهما تجلب البركة والخير والزيادة في الرزق.

فضل سورة البقرة على وجه الخصوص

لسورة البقرة فضل عظيم وخصائص مميزة:

  • سنام القرآن: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن لكل شيء سنامًا، وإن سنام القرآن سورة البقرة” (رواه الترمذي). وسنام الشيء أعلاه وأفضله.
  • طرد الشيطان من البيت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تجعلوا بيوتكم مقابر؛ إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة” (رواه مسلم). فقراءتها في البيت سبب لطرد الشياطين وحفظ أهل البيت.
  • اشتمالها على آية الكرسي: وهي أعظم آية في القرآن الكريم، ولها فضل عظيم في الحفظ والوقاية من الشرور. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت” (رواه النسائي وصححه الألباني).
  • اشتمالها على الآيتين الأخيرتين: ولهما فضل عظيم وكفاية لقارئهما من الشرور والآفات. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأهما في ليلة كفتاه” (متفق عليه).
  • بركتها وتركها حسرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اقرءوا البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة” (رواه مسلم). والبطلة هم السحرة، أي لا يقدرون عليها.

فضل سورة آل عمران على وجه الخصوص

لسورة آل عمران فضل عظيم وخصائص مميزة أيضًا:

  • مجيئها مع البقرة يوم القيامة للمحاجة عن صاحبهما: كما في الحديث السابق.
  • اشتمالها على اسم الله الأعظم: ورد في بعض الآثار أن اسم الله الأعظم موجود في ثلاث سور منها آل عمران.
  • اشتمالها على آيات تدل على وحدانية الله: وتفصيل لأحوال أهل الكتاب والرد على شبهاتهم.
  • اشتمالها على قصص و عبر: كقصة آل عمران ومريم وعيسى عليهم السلام وغزوة أحد.
  • كونها من السبع الطوال: التي أعطيت للنبي صلى الله عليه وسلم مكان التوراة.

أهم الموضوعات التي تناولتها السورتان

تتناول سورتي البقرة وآل عمران مواضيع هامة وأساسية في الدين الإسلامي:

  • التوحيد الخالص لله تعالى: وإثبات ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته.
  • النبوة والرسالة: وبيان رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتصديق الأنبياء السابقين.
  • الإيمان باليوم الآخر: وذكر أحوال القيامة والجنة والنار.
  • الأحكام والتشريعات: كأحكام الصلاة والزكاة والصيام والحج والطلاق والربا وغيرها في سورة البقرة.
  • قصص الأنبياء والأمم السابقة: للعبرة والعظة.
  • الرد على أهل الكتاب: وبيان تحريفهم لكتبهم وجحودهم الحق.
  • الجهاد في سبيل الله: والحث عليه وبيان فضله وأحكامه.
  • أحوال المنافقين: وكشف صفاتهم وخبثهم.
  • الأخلاق والآداب: والحث على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال.

الآثار المترتبة على قراءة السورتين وحفظهما والعمل بهما

يترتب على قراءة سورتي البقرة وآل عمران وحفظهما والعمل بما فيهما آثار عظيمة في حياة المسلم:

  • نيل الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى.
  • الحفظ والوقاية من الشرور والشياطين والسحرة.
  • البركة في الرزق والأهل والمال.
  • الشفاعة يوم القيامة.
  • الارتقاء في درجات الجنة.
  • الثبات على الحق والهداية إلى الصراط المستقيم.
  • الفهم العميق لأحكام الدين ومقاصد الشريعة.
  • العمل بما فيهما من الأوامر والاجتناب للنواهي.
  • القرب من الله تعالى ونيل رضوانه.

الخاتمة

إن سورتي البقرة وآل عمران كنز عظيم ونور ساطع وهداية ربانية. وقد ورد في فضلهما من الأحاديث ما يدل على عظيم شأنهما وجليل نفعهما لقارئهما وحافظهما والعامل بما فيهما. فينبغي على كل مسلم أن يعتني بهاتين السورتين عناية خاصة، وأن يحرص على تلاوتهما وتدبر معانيهما وحفظ ما تيسر منهما والعمل بأحكامهما، رجاء نيل فضلهما وبركتهما وأجرهما في الدنيا والآخرة. ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لتلاوة كتابه وتدبر آياته والعمل به على الوجه الذي يرضيه عنا.

روابط تحميل البحث

تحميل البحث

تحميل البحث