فضل القرآن الكريم

كلام الله .. هداية تتجدّد في كل زمان

المقدمة

من بين النعم العظيمة التي أنعم الله بها على الأمة الإسلامية، تبرز نعمة القرآن الكريم في مقدّمة الهبات الربانية، فهو كتاب الله الخالد، وكلامه المعجز، ووحيه المُنزل على خاتم الأنبياء محمد ﷺ، ليكون نورًا، وهدًى، ورحمة، وشفاء لما في الصدور.

القرآن الكريم ليس مجرد كتابٍ يُقرأ، بل هو منهاج حياة، ودستور هداية، ورسالة أبدية من الخالق إلى الإنسان، تلامس قلبه، وتوجّه عقله، وتطهّر روحه. وهو المعجزة التي بقيت خالدة بعد أن انتهى زمن المعجزات الحسية، فصار كل من تأمل في آياته، وخضع لبيانه، وشهد ببصيرته، يعلم أنه كلام لا يمكن أن يصدر إلا عن إلهٍ عظيم.

 

القرآن الكريم: تعريفه ومنزلته

القرآن الكريم هو كلام الله المعجز، المُنزل على نبيه محمد ﷺ، المنقول بالتواتر، المتعبَّد بتلاوته، المبدوء بسورة الفاتحة، والمختوم بسورة الناس. وهو أعظم الكتب السماوية، وأكملها، وخاتمها، وقد جاء مصدقًا لما قبله ومهيمنًا عليه. قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ الحجر: 9 وهذا الحفظ الإلهي هو ما جعل القرآن باقيًا دون تحريف أو تبديل، على مر العصور، رغم ما واجهه من محاولات الطمس أو النسيان. وقد خصّ الله هذه الأمة بكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيه نبأ من قبلنا، وخبر ما بعدنا، وحُكم ما بيننا، وهو الفصل ليس بالهزل.

 

فضل تلاوة القرآن

تلاوة القرآن ليست مجرد عبادة لفظية، بل هي عبادة قلبية وعقلية وروحية، ولها من الفضل ما لا يُحصى، ومن ذلك:

  1. كثرة الحسنات: قال النبي ﷺ: “من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألم) حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف.” رواه الترمذي
  2. الارتقاء في درجات الجنة: قال النبي ﷺ: “يُقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارتقِ، ورتّل كما كنت ترتّل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها.” رواه أبو داود
  3. شفاعة القرآن: قال ﷺ: “اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه.” رواه مسلم
  4. طمأنينة القلب وشفاء النفس: قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ الإسراء: 82

فضل العمل بالقرآن وتدبره

القرآن لم يُنزل للبركة فقط، بل نُزّل ليُعمل به، ويُهتدى بنوره، ويُتدبر معناه. ولذلك قال الله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ ص: 29

العمل بالقرآن يعني:

  • التخلّق بأخلاقه.
  • تنفيذ أوامره واجتناب نواهيه.
  • الانقياد لحكمه في جميع شؤون الحياة.
  • ربط الواقع بالهداية القرآنية.

وقد كانت أخلاق النبي ﷺ قرآنًا يمشي على الأرض، كما وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها.

 

فضل حَمَلة القرآن وأهله

القرآن يرفع حامليه، ويُكرمهم في الدنيا والآخرة، ويجعلهم من “أهل الله وخاصته”، كما قال ﷺ:”إن لله أهلين من الناس. قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته.”
رواه ابن ماجه. ومن فضل الله على الأمة أن حفظة القرآن يُقدَّمون في الصلاة، ويُكرَّمون في المجالس، ولهم منزلة عظيمة يوم القيامة، حيث يُلبس والداهما تاج الكرامة ويُرفعان به.

 

أثر القرآن في حياة الفرد والمجتمع

على الفرد:

  • يملأ قلبه نورًا وهداية.
  • يُقوّي صلته بالله.
  • يُعلّمه الصبر، والرضا، والخشية.
  • يُنقّيه من الشهوات والشبهات.

على المجتمع:

  • يُؤسّس للعدل والتراحم.
  • يُبعد الفتن، ويجمع الكلمة.
  • يُقيم الأخلاق، ويُقوّي الروابط.
  • يُزرع به الأمن والاستقرار.

إن المجتمعات التي تربي أبناءها على حب القرآن وتلاوته والعمل به، تكون أقرب إلى الخير، وأبعد عن التردّي في الفساد والانحراف.

 

واجبنا نحو القرآن

فضل القرآن يحتم علينا مسؤوليات، منها:

  • الإقبال على قراءته يوميًا ولو بالقليل.
  • تعليمه للصغار وتحفيظهم.
  • تدبر معانيه والقراءة في تفسيره.
  • العمل بأوامره، والابتعاد عن هجره.
  • تعظيمه في قلوبنا، واحترامه في أفعالنا.

قال تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ الفرقان: 30 وهو تحذيرٌ شديد من أن يكون القرآن بين أيدينا، لكن قلوبنا عنه بعيدة.

 

الخاتمة

القرآن الكريم ليس مجرد كتاب إلهي عظيم، بل هو حياة كاملة، من سار في نوره اهتدى، ومن تركه ضل، ومن تمسّك به نجا، ومن تلاه بخشوع وجد في قلبه سكينةً لا يُضاهيها شيء.

وإننا في زمن تشتّت فيه القلوب، وكثرت فيه الانشغالات، في أشد الحاجة إلى العودة إلى القرآن… أن نقرأه لا للثواب فقط، بل للفهم والهداية والعمل والنجاة. فهو كلام من لا تنفد خزائنه، وهدي من لا يضلّ، ووعد من لا يخلف الميعاد.

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا، واجعلنا من أهله الذين هم أهلك وخاصتك.

روابط تحميل البحث

تحميل البحث

تحميل البحث